إن موضوع العقار في طور التحفيظ يكتسي أهمية بالغة سواء الاقتصادي أو الاجتماعي أو القانوني .
فأهمية الموضوع من الناحية الاقتصادية تتمثل في توظيف الرصيد العقاري ليكون منطلقا التحقيق تنمية حقيقية ، عن طريق بعث دينامية جديدة في الاقتصاد الوطني برمته ، عبر توسيع القاعدة العقارية الصالحة لإنشاء المشاريع الفلاحية والصناعية والخدماتية ، ومن تم المساهمة في تحقيق البرامج والمخططات الحكومية في مختلف القطاعات المذكورة ، بل وخلق الظروف الملائمة لنجاحها كتحقيق الائتمان العقاري الذي ينتعش بالثقة التي تتميز بها العقارات المحفظة وإدراكا من المشرع المغربي لما يلعبه العقار من دور بارز في توسيع الاستثمارات و تنمية الثروات عن طريق الحصول على التمويل و القروض ، فقد وسع صراحة من محل الرهن الرسمي ، فبعد أن كان يشمل العقار المحفظ فقط بمقتضى ظهير 2 يونيو 1915 ، أصبح من خلال المقتضيات الجديدة التي جاءت بها مدونة الحقوق العينية يشمل كذلك العقار في طور التحفيظ ، الشيء الذي يؤدي إلى التشجيع على الاستثمار ، والنهوض بالاقتصاد الوطني .
أما عن أهمية الموضوع من الناحية الاجتماعية فتبرز في مدى تحقيق السلم والأمن الاجتماعين من خلال الحماية التي توفرها مسطرة الخلاصة الإصلاحية والإيداع لأصحاب الحقوق المكتسبة أثناء مسيطرة التحفيظ
وأما الأهمية القانونية فتتمثل في أن المستفيد من مسطرة الخلاصة الإصلاحية يتمتع حقه بحجية مطلقة عند تأسيس الرسم العقاري ، ولا يمكن مواجهته بالحقوق العينية غير المعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ ، كما أن مسطرة الإيداع تمكن صاحب الحق فيها من حفظ الرتبة والتمسك بحقه تجاه الغير ، وإعطاء لكل من يدعي حقا معينا على الإيداع مكنة التعرض عليه .
إشكالية الموضوع :
على الرغم من أن المشرع المغربي حاول حماية حقوق الغير المكتسبة خلال مسطرة التحفيظ وذلك بإقراره لمسطرتي الخلاصة الإصلاحية والإيداع ، إلا أنهما لم ينالا تنظيم وافر ، الشيء الذي جعل العديد من المتعاملين يشككون في مصداقية المسطرتين وفي دورهما في حماية حقوقهم ، مما يفضل معه الكثير منهم انتظار نهاية مسطرة التحفيظ وتاسيس الرسم العقاري لإبرام التصرفات الممكنة مع المالك بالرسم العقاري . كما أن المقتضيات القانونية التي تنظم إشهار التصرفات الجارية على العقار في طور التحفيظ جاءت جد مقتضبة وغير مفصلة لتلك الإجراءات ، مما قد يجعل تلك التصرفات تمر في جو حماية الحقوق الناشئة على مطلب التحفيظ عن طريق مسطرتي الخلاصة الإصلاحية والإيداع من السرية التي قد يكون من نتائجها العكسية ضياع حقوق الأغيار الذين يدعون حقوقا على العقار موضوع مسطرة التحفيظ ولم يصل إلى علمهم دخوله في مسطرة التحفيظ ، وخاصة المسطرة المتعلقة بالإيداع طبقا للفصل 84 من ظت ع .
وعليه فإن هذا الموضوع يطرح إشكالية محورية مفادها : هل استطاع المشرع فعلا توفير آليات استيعاب جميع التصرفات والتعاملات القانونية التي تطرأ على العقار في طور التحفيظ ، دونما تأثيرات سلبية من جانب مسطرة التحفيظ وآجالها الصارمة ؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية عدة أسئلة فرعية تتمثل في : ما هي الأحكام المنظمة لمسطرتي الخلاصة الإصلاحية والإيداع ؟ وما هي إجراءاتهما ؟ وما هي الآثار المترتبة عنهما ؟ وما أهم إشكالاتهما العملية ؟