مقــــــــــدمة:
مسألة التعمير و إعداد التراب ليست مسألة حديثة فقد تبين من مختلف الأبحاث الأثرية أن هناك وجودا لآثار تنظيم التعمير و تهيئة المجال لدى المجتمعات العتيقة و هو أمر يمكن الوقوف على حقيقته من خلال تتبع أمثلة تدل على اهتمام الحضارات القديمة و المعاصرة بقضايا التعمير و تدبير المجال.
إن التعمير الذي يحقق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية يتوقف على ثلاثة عناصر هي تخطيط حضري فعال و سياسة عقارية فاعلة لخدمته و هما معا يرتكزان على اعتمادات مالية دائمة و مجندة من طرف الدولة و الجماعات المحلية بل و أيضا الفاعلون العموميون و الخواص المهتمون بقطاع التهيئة و السكنى.
فإذا كانت الديمقراطية وسيلة لتحقيق التنمية فإن تنمية الدول النامية تتطلب أولا و قبل كل شيء السكن اللائق و توفير المرافق الضرورية للحياة و المحافظة على البيئة, كل هذا لا يمكن أن يتم إلا في إطار سياسة سليمة للتخطيط الحضري و لتهيئة التراب الوطني .
و كما عرف الأستاذ عبد الرحمان البكريوي التخطيط الحضري هو تدخل الإدارة بأدوات منهجية و وثائق مرجعية لتنظيم استعمال المجال و تقنين أو تحديد هذا الاستعمال لكل منطقة من مناطق المدينة و تخصيص وظيفة لكل واحد منها قصد تحقيق تكامل أجزائها و انسجام أطرافها و بالتالي حسن تنظيمها و تعميرها.
إن التخطيط الحضري أصبح اليوم يتم بنوعين متكاملين من وثائق التعمير الأول يعرف بالأداة التوجيهية و التقديرية, أما الثاني فيطلق عليه الوثيقة التنظيمية و يشمل ثلاث وثائق و هي تصميم التنطيق و تصميم التهيئة و تصميم التنمية.
و يعد تصميم التهيئة أول وثيقة تعميرية يعرفها قانون التعمير إذ نظمها أول نص قانوني مغربي يهم التعمير اي ظهير16 أبريل1916 و بفضلها تم أثناء فترة الحماية الأوروبية و بناء بعض المدن الجديدة و تم إنتاج أحياء متناسقة و منظمة و غنية بهندستها المعمارية و في نفس الوقت كانت السبب في افتقار بعض الأحياء إلى بعض التجهيزات الأساسية و بعض المرافق العامة كما كانت السبب في ارتفاع كثافة السكان بالمدن العتيقة. و في ظهور أحياء الصفيح و تكاثرها إلى جانب السكن العشوائي المتزايد.
و بالنظر إلى أهمية هذه الوثيقة التعميرية فقد أولاها المشرع عنايته و أدخل عليها كثيرا من الإصلاحات لمواكبة التطور الذي يعرفه التعمير و تتجاوز الثغرات التي أبانت عنها و ذلك ف ظهير30 يوليوز1952 ثم في ظهير17 يونيو1992.
هذه العناية إنما تجسد في الواقع الاهتمام المتنامي التي تحصى بها وثيقة تصميم التهيئة و دورها في تنمية المجال باعتبارها تشكل العمود الفقري للتخطيط العمراني بالمغرب لما تراكم حولها من تجارب لدى الإدارة على مدى أكثر من سنة بالإضافة إلى تدخل عدد مهم من الإدارات العمومية و المؤسسات و السلطات الإقليمية و المجالس الجماعية في عملية إعدادها و تنفيذها.
و لأجل الإحاطة بمضمون هذه الوثيقة سيكون لزاما علينا الخوض في مجموعة من الإشكالات التي يطرحها موضوع تصميم التهيئة و التي يمكن إجمالها في الأسئلة التالية :
ما هي الجهات المكلفة بإعداد و دراسة و المصادقة على مشروع تصميم التهيئة؟
هل يخضع إعداد التصميم لعمليات تنسيق و تشاور كافيين بين جميع المتدخلين أم أنه يتم في غياب هذا التنسيق و التشاور؟
ما المقصود بالبحث العمومي المجرى في ظل الإعداد لمشروع تصميم التهيئة و ما هي القيمة القانونية لهذا البحث؟
ما هو محتوى وثيقة تصميم التهيئة؟ و ما هي الآثار المترتبة عليها و الغرض منها؟
لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة ارتأينا تقسيم هذا العرض إلى مبحثين نتناول في :
المبحث الأول: مسطرة إعداد تصميم التهيئة و المصادقة عليها
المطلب الأول : إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة
المطلب الثاني : المصادقة على مشروع تصميم التهيئة
المبحث الثاني :الغرض من تصميم التهيئة و الآثار المترتبة عنه
المطلب الأول : الغرض من تصميم التهيئة
المطلب الثاني : الآثار المترتبة عن تصميم التهيئة العمرانية
المبحث الأول : مسطرة اعداد تصميم التهيئة و المصادقة عليها.
يمكن القول بأن المسطرة الحالية لإعداد تصميم التهيئة, لا تختلف كثيرا عن تلك التي كان ينظمها ظهير 1952 بشأن التعمير , حيث تبرز هيمنة الإدارة المكلفة بالتعمير على عملية إعداد تصميم التهيئة و الدور المتواضع للإدارة الجماعية في مرحلة المصادقة, و للوقوف على مسطرة تصميم التهيئة, ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص المطلب الأول للإعداد دراسة تصميم التهيئة في حين نرصد في المطلب الثاني للمصادقة على تصميم التهيئة.
المطلب الأول: إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة.
بالرجوع إلى المراحل التي تمر منها مسطرة إعداد تصميم التهيئة ,و بحثه و بمقارنتها مع المسطرة التي كان جاريا بها العمل في إطار ظهير1952 يتبين بأن المشرع قد تطلع في ظهير 1992, لبلوغ هدفين أساسيين : التعجيل بمسطرة إعداد التصميم و بدخوله حيز التنفيذ من جهة و دعم التشاور و التنسيق ما بين مختلف الإدارات المركزية و المحلية ,من أجل ملائمة و تكييف محتوى هده الوثيقة مع الواقع المحلي .
و للحديث عن إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة, يتوجب علينا تقسيم هدا المطلب إلى فقرتين, نخصص الفقرة الأولى لإعداد مشروع تصميم التهيئة, في حين نرصد الفقرة الثانية لدراسة مشروع تصميم التهيئة.
الفقرة الأولى: إعداد مشروع تصميم التهيئة.
على غرار الوثائق التعميرية التي سبقت دراستها سابقا, تلعب السلطات العمومية المركزية دورا رئيسيا في إعداد تصميم التهيئة, وذلك رغم تنصيص المشرع على ضرورة "مساهمة" الجماعات المحلية في ذلك. فالمادة الثالثة و العشرون من قانون التعمير تنص صراحة على "وضع مشروع تصميم التهيئة بمبادرة من الإدارة...".كما تنص المادة الموالية لها على أن الإدارة هي التي تتولى دراسة المقترحات التي تتقدم بها مختلف الجهات المعنية بالمشاركة في إعداد المشروع بما فيها الجماعات المحلية, وهي التي توافق في الأخيرعلى مشروع التصميم.
إن عملية الشروع في إعداد مشروع تصميم التهيئة , تبدأ بإنجاز الدراسات الميدانية اللازمة
لمعرفة المنطقة من الناحيتين الاقتصادية و الاجتماعية , ووضعية التجهيزات التحتية و الفوقية , و ما تتوفر عليه من مرافق عامة و يتم في نفس الوقت اتخاد قرار يفتح مسطرة بداية دراسة المشروع من طرف السلطة الجماعية.
إن إعداد مشروع تصميم التهيئة هو من اختصاص الوكالة الحضرية فالمادة 19 من المرسوم التطبيقي لقانون 12.90 تنص على إن "عملية إعداد و تصميم التهيئة تتم بمسعى من الوزارة و بمساهمة الجماعات المعنية و المجموعة الحضرية في حالة وجودها مع مراعاة الصلاحيات المسندة في هذا الميدان إلى الوكالات الحضرية بموجب التشريع الجاري به العمل". وبالرجوع إلى القانون المتعلق بإحداث الوكالات الحضرية, نجده ينص في مادته الثالثة على أن" الوكالات الحضرية تتولى في نطاق اختصاصها تحضير مشاريع التعمير المقرر بنصوص تنظيمية خصوصا خرائط التنطيق و تصاميم التهيئة و النمو".
وبذلك فان الوكالات الحضرية تقوم بصياغة الشروط الخاصة بالصفقة المتعلقة بمشروع الوثيقة و تحدد المبلغ المالي المناسب للمشروع كما تتابع مختلف مراحل الإعداد بدءا بنشر طلب العروض المفتوح و تتلقى طلبات المشاركة في العروض التي تقوم بدراسة جوانبها المنهجية و التقنية و المالية و التي على إثرها تعلن عن مكتب الهندسة المعمارية الفائز بالصفقة, حيث يقوم هذا الأخير بالأبحاث و الدراسات حول النقط التالية : التطور السكاني , حركية الهجرة , تحديد الأنشطة تطور استعمال الأرض .الوضعية العقارية , توزيع الشرائح الاجتماعية حسب الدخل بيان التجهيزات الموجودة فعلا.
و عند انتهاء كل مرحلة من مراحل الدراسات السوسيوقتصادية والمجالية, يكون مكتب الدراسات ملزم بتقديم تقرير إلى الوكالة الحضرية, لتقوم هذه الأخيرة بدراسته في اطارلجنة, تضم بالإضافة إلى الوكالة الحضرية, كل من رئيس المجلس الجماعي المعني و المهندس المعماري المزاول عمله بالجماعة, و قد لا تكتفي الوكالة بما ورد في التقرير مكتب الدراسات بل إن لها أن ترسل فريقا تقنيا إلى عين المكان حتى تتمكن من الوقوف على ملائمة الدراسات مع الواقع.
و تجب الإشارة إلى أن القيام بالدراسات التمهيدية قد يتم من لدن الوكالة الحضرية إذا توفرت لها الإمكانيات و الوسائل التقنية و البشرية و المالية .
و بالموازاة مع ذلك ترسل الوكالات الحضرية رسالة مشفوعة بخريطة إلى المصالح الإدارية و الهيئات المعنية للحصول على المعلومات المتعلقة بالاحتياط العقاري الواجب تخصيصه لكل منها في إطار التصميم , كما يتعين أن يتضمن جواب هذه الهيئات كذلك برنامج الانجازات التي يجب القيام بها خلال الخمس سنوات الموالية.
الفقرة الثانية: دراسة مشروع تصميم التهيئة.
بعد تسلم الوكالة الحضرية لمخطط المشروع من مكتب الدراسات تقوم هاتها الأخيرة بدراسة المشروع بمساهمة من السلطات الإدارية المحلية لمختلف الوزارات و إن اقتضى الحال جميع الهيئات المعنية كالمكتب الوطني للكهرباء, المكتب الوطني للسكك الحديدية... و تنتهي هذه الاستشارة بوضع مخطط إجمالي , لتقوم بعد ذلك الوكالة بتوجيه المشروع إلى المجالس المحلية .لأجل دراسته من الناحيتين القانونية و التقنية و تتم الدراسة عبر اللجنة المحلية للتعمير , هكذا فقد نصت المادة 20من الرسوم التطبيقي لقانون 12.90"تقوم الوزارة المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية بغرض مشروع تصميم التهيئة الذي تم إعداده على لجنة محلية يحدد تأليفها و تسييرها وفقا للمادة5 من هذا المرسوم لإبداء رأيها فيه" و تضم هذه اللجنة إلى جانب الوالي أو عامل العمالة :
أعضاء اللجنة التقنية المحلية التابعة للعمالة أو الإقليم المعني بالأمر.
رؤساء مجالس الجماعات المعنية و إن اقتضى الحال رئيس أو رؤساء المجموعات الحضرية المعنية.
رؤساء الغرف المهنية.
و تقوم هذه اللجنة بدراسة مشروع التصميم التهيئة و تسهر على تنسيق مواقف ممثلي المصالح الخارجية على مستوى الإدارة الإقليمية و الإدارة الجماعية. و العنصر الجديد هو مشاركة الغرف المهنية في اجتماعات اللجنة المحلية مما يعطي بعدا اقتصاديا لتصميم التهيئة.
و بعد اختتام أعمالها تتولى اللجنة داخل أجل خمسة عشر يوما من انتهاء أشغالها أمر إعداد بيان هذه الأشغال و دعمه بمحضر حول ذلك, تبعث به إلى الوزارة الوصية على قطاع التعمير أو إلى مدير الوكالة الحضرية بحسب الحالة , حيث يعود لإحدى هاتين السلطتين أمر اتخاذ قرار بشأن ذلك.
و بعد إعداد و صياغة مشروع التصميم على ضوء اقتراحات أو ملاحظات اللجنة المحلية تقوم الإدارة المكلفة بالتعمير أو إدارة الوكالة الحضرية بصياغة المشروع ما قبل النهائي لعرضه على أنظار المجلس أو المجالس الجماعية المعنية لدراسته أو إلى مجلس المجموعة الحضرية إن اقتضى الأمر ذلك . و لعل الهدف من استشارة هذه المجالس هو إضفاء طابعا ديمقراطيا على وثيقة أدتها المصالح المركزية للدولة , فهذه الاستشارة هي محددة الأجل حيث تنص المادة رابعة و العشرون من قانون التعمير 12.90 في فقرتيها الثانية و الثالثة على أنه يتعين على المجالس التي سقناها " إن تبدي داخل أجل شهرين من تاريخ الإحالة مشروع التصميم إليها ما يعني لها في شأنه من اقتراحات تتولى الإدارة دراستها بمشاركة الجماعات المحلية التي يعنيها الأمر . و إذا لم تبد المجالس الأنفة الذكر أي ٍرأي داخل الآجال المنصوص عليها أعلاه فان سكوتها يحمل على أن ليس لها أي اقتراح في موضوع التصميم المحال إليها".
إن أول إشكالية تطرح أمام الإدارة خلال فترة الإعداد لتصميم التهيئة هو ذلك الفراغ الذي يحصل خلال الفترة الفاصلة بين الشروع في الدراسات و البحث العمومي و بين المصادقة على مشروع التصميم. و هي فترة يمكن يستغله المضاربون للتملص من مقتضيات التصميم الجديد التي تلوح في الأفق. و لتفادي ذلك أجاز المشرع بمقتضى المادة واحد و عشرون من قانون التعمير لرئيس المجلس الجماعي , بمبادرة من المجلس أو بطلب من الإدارة,إصدار قرار يقضي بدراسة مشروع تصميم التهيئة و تعيين حدود الرقعة الأرضية التي سيشملها التصميم . و يسري نطاق تصميم التهيئة وفق ظهير 1992 على الجماعات الحضرية , و المراكز المحددة و المناطق المحيطة بها , و المجموعات العمرانية , ثم بعض المناطق التي تكتسي طابعا خاصا و يستوجب توسعها العمراني تخطيط تهيئتها و خضوعها لمراقبة الإدارة. و تعتبر هذه العملية من التدابير الاحتياطية التي تسمح للإدارة بالإمساك عن تسليم رخص التعمير , و تأجيل البث في مشاريع التجزئة العمرانية و البناء , تفاديا للمضاربات العقارية و الأعمال التي يمكن أن تأتي منافية لمقتضيات التصميم الجديد و تعرقل تنفيذه مستقبلا, و تسري أحكام هذا القرار لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد لمدة ستة أشهر أخرى. إلا أن المشرع المغربي سمح لرئيس المجلس الجماعي بإمكانية الترخيص لبعض المشاريع بصفة استثنائية إذا كانت لا تعرقل مقتضيات تصميم التهيئة الجديد و كانت تتلاءم مع أحكام مخطط توجيه التهيئة العمرانية. ويشترط في ذلك موافقة الإدارة الإقليمية المشرفة على التعمير أو الوكالة الحضرية .
إلى جانب هذه الاستشارة نص القانون الجديد على استشارة جديدة تخص عموم المواطنين من خلال إجراء البحث العلني عن منافع و مضار مشروع التهيئة الذي ينظم لفائدة السكان و خاصة منهم الذين يمتلكون عقارات داخل المنطقة التي يغطي ترابها التصميم هذا البحث يستمر شهرا كاملا و يجري خلال المدة التي يكون فيها مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات المعنية بصدد دراسته , و على رئيس الجماعة أن يوفر وسائل النشر و الإشهار اللازمة قبل بدء البحث .
و يلاحظ إن المدة المخصصة للمجلس أو المجالس المعنية هي شهر واحد بدل شهرين مادام إن الشهر الآخر مخصص للبحث العلني و هذه المدة غير كافية لاستشارة المجالس الجماعية فكان من الأفضل أن يخصص للبحث العلني شهرا كاملا و للاستشارة الجماعية شهرين و تخصيص وقت كافي لدراسة ملاحظات العموم إن كانت هناك ملاحظات و اقتراحات.
و حتى يكون جميع السكان على اطلاع بالبحث العلني صونا لحقوقهم فعلى الرئيس مجلس الجماعة قبل التاريخ البحث العلني أن يقوم بنشر إعلان يبين تواريخ و انتهاء هذا البحث و يشير إلى إيداع مشروع تصميم التهيئة بمقر الجماعة , هذا الإعلان يجب أن ينشر في جريدتين يوميتين مسموح لهما بتلقي الإعلانات القانونية و ذلك مرتين تفصل بينهما ثمانية أيام يكون كذلك محل ملصقات بمقر الجماعة.
و يمكن للعموم خلال البحث العلني أن يطلعوا على مشروع تصميم و أن يقوموا بإبداء ملاحظاتهم بالدفتر المفتوح لذلك بمقر الجماعة أو أن يبعثوا بها بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل إلى رئيس المجلس الجماعي المختص.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة خمسة و عشرون من قانون التعمير الجديد على أن يتولى مجلس الجماعة عند دراسته لمشروع تصميم التهيئة دراسة الملاحظات المعبرة عنها خلال إجراء البحث قبل عرضها على الإدارة.
إلا أن الإشكال الذي يبقى مطروحا هو ما هي القيمة القانونية للبحث العلني؟ هل فعلا يتم الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات و مقترحات المواطنين حول وثائق التعمير أم أن هذا البحث يبقي مجرد إجراء شكلي فقط.
إن مسطرة البحث العمومي يجب أن تتجاوز واقعيا التفسير الضيق الذي يحصرها على أملاك الأراضي لكي تهم جميع فعاليات المجتمع المدني كوسيلة لتوسيع دائرة المشاركة في اتخادالقرارات التي تهم تنظيم المجال.
و بعد انتهاء اجل الشهرين المخصصين لدراسة تصميم التهيئة من قبل المجالس الجماعية تبعث هده الأخيرة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير اقتراحاتها مرفقة بملف البحث العلني, فيتم الاتصال مع الوكالة الحضارية إن اقتضى الأمر ذلك و دراسة كل المقترحات لاتخاذ القرار الملائم .
المطلب الثاني: المصادقة على مشروع تصميم التهيئة
بعد استنفاذ كل مراحل البحث والإعداد التي يمر منها مشروع تصميم التهيئة و التي يكون الهدف منها طبعا هو دمقرطة عملية إعداد وثائق التعمير بصفة عامة، لأن ذلك يتطلب إخبار عموم المواطنين بمحتوى هذه الوثاق والاستماع إلى آرائهم و ملاحظاتهم كطريقة للحصول على المعطيات الضرورية التي يمكن للإدارة أن تستأنس بها في إعدادها لمحتوى هذه الوثائق .
إذن بعد ذلك يصل مشروع تصميم التهيئة إلى مرحلته الأخيرة، وهي مرحلة المصادقة التي عرفت تعديلا هاما بموجب قانون 12.90 مقارنة مع نظام ظهير سنة 1952.
فبالرجوع إلى المادة 26 من المرسوم التطبيقي للقانون رقم 12.90، يستخلص أن عملية المصادقة هاته تتم عبر رفع مشروع تصميم التهيئة إلى رئيس الحكومة من أجل المصادقة عليه ، وذلك بموجب مرسوم يتخذ من طرف الوزير الوصي عن قطاع التعمير. ليتم بعد ذلك نشره بالجريدة الرسمية، و بهذه الطريقة يكون المشرع المغربي بتبنيه لنظام ظهير 17 يونيو 1992 وتعديله لمحتويات ظهيري 1913 و 1952 ، يكون قد عمل على ترشيد هذه المحتويات وتجاوز الثغرات التي طبعت النظم السابقة وذلك في أفق مواكبة التطورات التي عرفها مجال التعمير الوطني.
ومن بين مظاهر التعديل هذا خصوصا في مرحلة المصادقة على مشروع تصميم التهيئة ، مسألة الحد من عدد الهيئات العمومية المتدخلة في مسطرة المصادقة على مشروع تصميم التهيئة و حصرها في رئيس الحكومة الذي تم منحه هذه السلطة إضافة إلى وزير التعمير الذي خوله المشرع حق اقتراح أمر هذه المصادقة ، و بالتالي عدم اشتراط الحصول على موافقة أي سلطة حكومية أخرى، لأن تدخل هاتين السلطتين يعد كافيا لدخول تصميم التهيئة حيز التنفيذ و اكتسابه القوة الملزمة التي يفرض بها محتوياته في مواجهة مخاطبيه، وذلك طبعا بعد نشره بالجريدة الرسمية. لكن السؤال الذي يمكن أن يتبادر إلى الذهن بهذا الصدد هو حول ما إذا أصبح تصميم التهيئة متجاوزا بسبب التزايد العمراني و الحاجة الملحة للسكن، فهل يمكن للمجالس المحلية المنوط إليها تنفيذ التصميم تغير محتوياته لمواجهة تلك المشاكل و التصدي للمضاربات العقارية؟
هذا الإشكال تجيب عنه المادة 26 من قانون التعمير إذ يمكن تغيير تصميم التهيئة العمرانية وفق الإجراءات و الشروط المقررة فيما يتعلق بوضعه و الموافقة عليه. وبالتالي أمكن القول أنه لتعديل تصميم التهيئة يجب سلوك مسطرة أخرى تسمى مسطرة تغيير تصميم التهيئة وهي التي بموجبها يتم إعداد تصميم جديد يشمل كل أو بعض المنطقة التي يغطيها التصميم المصادق عليه .
وفي أي حال من الأحوال فإن تجاوز تصميم التهيئة لمرحلة المصادقة، يدخل بعد ذلك مباشرة حيز التنفيذ وتسري مقتضياته وآثاره على المخاطبين به.
فما هي إذن أهم الآثار المترتبة عن تصميم التهيئة العمرانية؟ وما هو الغرض منه أصلا؟ .. هذا ما سيتم الوقوف عليه ضمن المبحث الثاني.
المبحث الثاني: الغرض من تصميم التهيئة و الآثار المترتبة عنه
عموما يتم وضع تصميم التهيئة إما لتنظيم عمران وتعمير مدينة قائمة، أو حتى من أجل ضبط نمو و اتساع عمران مدينة ، كما يمن إعداده بمناسبة تشييد مدينة جديدة ، وبالتالي يحق التساؤل عن محتوى هذا التصميم و الغرض منه وكذا عن الآثار المترتبة بعد دخوله حيز التنفيذ.
المطلب الأول:محتوى تصميم التهيئة والغرض من إقرار العمل به
قبل الخوض في الحديث عن هذا المحتوى لا بد أولا من الإشارة إلى نطاق تطبيق تصميم التهيئة، ولعل منطوق المادة 18 من قانون 12.90 قد حددته ، إذ يشمل المجالات الآتية:
الجماعات الحضرية و المراكز المحددة.
المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية و المراكز المحددة.
جميع أو بعض أراضي جماعة قروية.
المجموعات العمرانية.
أما عن محتوى تصميم التهيئة فهو يتألف حسب المادة 20 من قانون التعمير من نوعين من الوثائق.
فالوثيقة الأولى هي عبارة عن رسوم بيانية أو خرائط تبين الشكل الذي من خلاله يتم رصد وتحديد آفاق تهيئة المنطقة كما يتوقعها التصميم ، أما الوثيقة الثانية فتأخذ شكل نظام يتكون من مجموعة قواعد قانونية غرضها شرح مضمون الوثيقة الأولى (أي الرسوم البيانية) وتحديد ضوابط استعمال الأراضي والارتفاقات والالتزامات المفروضة لتحقيق تهيئة منتظمة ومتناسقة، إضافة إلى قواعد البناء المتعلقة بالمنطقة المعنية .
أما بخصوص الأغراض و الغايات المتطلبة من وراء تصميم التهيئة ، يمكن تستشف من خلال المواد 17،18 و 19 من قانون التعمير ، إذ يتعلق الأمر ببيان مختلف الأغراض التي ستخصص لها المناطق الموجودة في الرقعة الترابية المعنية بتطبيق التصميم و حصر تخصصاتها عن طريق تحديد غرضها الأساسي أو تحديد الأنشطة المجالية التي سيسمح بمزاولتها داخلها.
وبموجب أحكام تصميم التهيئة يتم تحديد مختلف المناطق بحسب الغرض الذي ستستعمل له أو طبيعة الأنشطة التي يمكن أن تمارس فيها سواء كانت هذه المنطقة سكنية أو منطقة صناعية أو تجارية أو سياحية أو منطقة لزرع الخضروات أو ذات طبيعة غابوية.
فبالنسبة للمنطقة السكنية يتم توزيعها إلى أحياء سكنية تجمع كل حي فيها خصائص و ميزات مشتركة ، في حين المنطقة الصناعية هي تلك المخصصة لممارسة أنشطة صناعية أو التي تتمركز فيها مؤسسات صناعية، على أن هذه المؤسسات الصناعية بدورها يمكن أن تصنف إلى 3 مستويات يحددها رئيس الحكومة بناء على اقتراح من المزير الوصي على قطاع الأشغال العمومية ، وذلك طبقا لأحكام ظهير 25 غشت 1914.
هذه المستويات أو الفئات تتراوح بين مؤسسات صناعية ينطوي نشاطها على خطورة كبيرة أو على احتمال إلحاق الضرر بالصحة العمومية ، وبخصوص المنطقة التجارية ، فقد جرت العادة على دمجها مع المناطق السكنية عن طريق تخصيص الطوابق السفلى لممارسة النشاط التجاري ، كل هذا مع ترك حيز للمنطقة الغابوية لإقامة الأغراس الضرورية لضمان التوازن الإيكولوجي للمدينة .
بالإضافة إلى ذلك يتضمن تصميم التهيئة :
بيانا لمختلف المناطق التي يمنع فيها البناء بجميع أنواعه.
حدود الطرق و المسالك و المساحات و مرافق السيارات الواجب الحفاظ عليها.
حدود ميادين الألعاب و الساحات المخصصة للتظاهرات الثقافية و الفلكلورية الواجب الحفاظ عليها.
حدود المساحات المخصصة للأنشطة الرياضية الواجب إحداثها و كذا حدود المساحات المخصصة لنفس الغرض و الواجب الحفاظ عليها.
المواقع المخصصة للتجهيزات العمة كالسكك الحديدية و التجهيزات الصحية و التعليمية و المباني الإدارية و المساجد و المقابر....
ويشير تصميم التهيئة أيضا إلى المواقع الأثرية و الموقع الطبيعية الواجب حمايتها، علاوة الضوابط المطبقة على البناء و ضوابط استعمال الأراضي
مع الإشارة إلى الارتفاقات المحدثة لمصلحة النظافة أو لأغراض جمالية أو أمنية أو للحفاظ على الصحة العامة، وكذلك الارتفاقات التي تفرضها قوانين خاصة إن وجدت.
تجدر الإشارة في نهاية هذا المطلب إلى كون هذه الضوابط أو المحتويات التي تم الحديث عنها تعد ملزمة لجميع الأطراف المعنية بتصميم التهيئة ، أي أن الإدارة من جهة والمتدخلين في المجال العقاري من جهة أخرى ، يتعين عليهم احترام بنود هذه العقدة في مختلف تدخلاتهم وفي سائر أشغالهم داخل هذه المنطقة، و هو ما يمكن تبريره بكون تصميم التهيئة هذا لا تتم المصادقة عليه إلا بعد عرضه كمشروع على أنظار العموم من أجل إبداء آرائهم و ملاحظاتهم في هذا المجال.
المطلب الثاني:آثار تطبيق تصميم التهيئة
بعد المصادقة على تصميم التهيئة ونشره في الجريدة الرسمية يكتسب قوته الإلزامية في مواجهة كل المخاطبين به و يجبرهم على التقيد بأحكامه ، إلا أن المشرع قد اتخذ مع ذلك بعض التدابير الاحتياطية تجعل مقتضيات مشروع تصميم التهيئة ملزمة قبل صدور نص المصادقة عليه وهذا ما سنقف عليه في أول نقطة، آثار تصميم التهيئة قبل الموافقة عليه (الفقرة الأولى) تم آثار تصميم التهيئة بعد الموافقة عليه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: آثار تصميم التهيئة قبل الموافقة عليه
مبدئيا تصميم التهيئة لا يجرى العمل بأحكامه إلا بعد استنفاذ مسطرة إعداده و المصادقة عليه ونشره ، وإنه في انتظار ذلك فإن القواعد التي يكون جاريا بها العمل في ذلك الوقت هي الواجبة التطبيق ، أي تصميم التهيئة أو تصميم التنطيق الجاري العمل بأحكامها لحظة إعداد تصميم التهيئة الجديدة ، إلا أنه و نظرا لكون هذه الوثائق قد تتضمن أحكاما تكون في تعارض مع توقعات مشروع التصميم الجديد وحتى لا يتم الإخلال بتوقعاته و أهدافه المستقبلية من أجل تنمية التجمع العمراني ، فإن ظهير 17 يونيو1992 يتوقع إمكانية التطبيق القبلي لأحكامه حيث توقعت المادة 27 من الظهير المذكور عدة إجراءات احتياطية ملزمة ينبغي التقيد بها في تنظيم وتنمية المدينة في انتظار دخول تصميم التهيئة الجديد حيز التنفيذ
وعليه وبمجرد اختتام مرحلة البحث العلني- أي بمجرد انقضاء المدة التي يستغرقها عرض مشروع تصميم التهيئة على عموم المواطنين لإبداء ملاحظاتهم حوله – وإلى غاية صدور النص الذي يقضي بالمصادقة على هذا المشروع فإنه يمنع طبقا لمقتضيات المادة المذكورة أعلاه منح الإذن بإنجاز كل الأعمال المتعلقة بالبناء و الغرس وإقامة التجزئات أو المجموعات السكنية إذا ما تضمنت هذه الأعمال ما يخالف أحكام مشروع تصميم التهيئة الجديد مما يفيد أنه ابتدءا من تلك اللحظة تصير مقتضيات هذا التصميم ملزمة ينبغي التقيد بها في إنجاز كل الأشغال السالف ذكرها
وكنتيجة حتمية لكل ذلك وحتى تكتسب محتويات هذا التصميم الأولوية في التطبيق على محتويات وثائق التعمير الجاري بها العمل قبل دخوله حيز النفاذ فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 27 أعلاه على بطلان أحكام تصميم التهيئة الجديد حيز العمل ابتداء من لحظة اختتام مرحلة البحث العلني
إلا أنه ومن أجل التعجيل بصدور نص المصادقة على مشروع تصميم التهيئة الجديد الذي أصبحت أحكامه ملزمة حتى قبل المصادقة عليه ونشره ، ولكي لا يطول ترقب هذا النص فإن المشرع قضى بانتهاء إلزامية العمل بأحكامه بعد مرور اثني عشر شهرا من انقضاء مدة البحث العلني المتعلق به مالم يصدر نص المصادقة النهائية عليه.
الفقرة الثانية:آثار تصميم التهيئة بعد الموافقة عليه
بعد صدور النص القاضي بالمصادقة على تصميم التهيئة ، بمثابة إعلان على أن المنفعة العامة تقتضي القيام بكل ما يلزم من أجل إنجاز التجهيزات الضرورية لتطبيقه (حدود الطرق – حدود المساحات الخضراء – حدود المساحات المخصصة للنشاطات الرياضية الواجب الحفاظ عليها – المواقع المخصصة للتجهيزات العامة – المواقع المخصصة للتجهيزات العامة – دوائر القطاعات الواجب إعادة هيكلتها أو تجديدها )
وتنتهي الآثار المترتبة على إعلان المنفعة العامة عند انقضاء أجل 10 سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة ،ولا يجوز القيام بإعلان المنفعة العامة للغرض نفسه إنما يتعلق بالمناطق المخصصة للتجهيزات الأنفة الذكر قبل انصرام أجل 10 سنوات .
وإجمالا، فإن أحكام تصميم التهيئة تلزم من جهة كل الهيئات العمومية المعنية بتطبيقه والتي يتعين عليها إنجاز ما يناط بها من تجهيزات يستلزمها تطبيق هذا التصميم كل منها في نطاق اختصاصها وداخل دائرة نفوذها ، كما أن أحكام تصميم التهيئة تلزم من جهة ثانية الفاعلين الخواص الذين يتعين عليهم احترام قواعده والتقيد بضوابطه في كل أشغالهم ومشاريعهم المتعلقة بالتجزئات و التجهيز والأبنية وذلك عن طريق احترام مساطر الحصول على الرخص الضرورية للقيام بأوراش التعمير وعن طريق التقيد بمحتوى القواعد القانونية المنظمة لعمليات البناء والتجزيء والهندسة المعمارية
وتجدر الإشارة أن تصميم التهيئة ككل الأنظمة يمكن تغييره حسب حاجيات الجماعة ولكي يصبح أكثر ملائمة للحاضر ، لذلك فهو لا يمنح أي حق مكتسب فالإدارة يجوز لها مراجعة بعض المقتضيات المتعلقة بالتجزئات رغم حصول أصحابها على الترخيص قبل الموافقة على التصميم الجديد حيث تعمل على تحيين الالتزامات التي يتضمنها دفتر تحملات الشروط ويحق لها أن تضيف إليه كل أو بعض المقتضيات التي ينص عليها التصميم .
خـــــاتمة :
من خلال ما تم عرضه, يبدو جليا أن دور المجالس الجماعية في إعداد تصميم التهيئة يبقى دورا محدودا مقارنة بالدور المهيمن للوكالات الحضرية.
إن المسعى الحثيث للقيادة السياسية بالمغرب و إقرار جهوية موسعة يقتضي إشراك المجالس الجماعية فعليا و بشكل أكبر منذ البداية في عملية إعداد تصميم التهيئة ما دامت هي المعنية بتنفيذ التصميم لاحقا و لا يمكن أن يتحقق هذا الإشراك إلا من خلال إعادة تأهيل المجالس الجماعية.
أما فيما يخص مرحلة المصادقة على مشروع التصميم فإن الإشراك الحقيقي للمجالس الجماعية يقتضي تمديد مدة البحث العمومي و توسيع قاعدة الإشراك لتشمل الجماعات المحيطة بالجماعة المعنية بالمشروع و هو ما من شأنه أن يحقق التنمية الشاملة, و لتفادي بعض سلبيات التأخير في مسطرة المصادقة على تصميم التهيئة فإنه يجب الاقتصار على جعل المصادقة على مشروع التصميم تتم على المستوى المحلي من طرف الولاة.
أما فيما يخص التنفيذ فإن المجالس الجماعية تتحمل مسؤولية تنفيذ مقتضيات تصميم التهيئة مع الحرص على تحقيق أهدافه و أغراضه و في هذه المرحلة تشاركها الإدارة المكلفة بالتعمير, إلا أن الدور المهيمن يجب أن يكون للمجالس الجماعية و هو دور طبيعي مادام أن التصميم يوضع أصلا لفائدة الجماعة.
.
الفــــــــــهرس
المبحث الأول : مسطرة اعداد تصميم التهيئة و المصادقة عليها. 3
المطلب الأول: إعداد و دراسة مشروع تصميم التهيئة. 3
الفقرة الأولى: إعداد مشروع تصميم التهيئة. 3
الفقرة الثانية: دراسة مشروع تصميم التهيئة. 5
المطلب الثاني: المصادقة على مشروع تصميم التهيئة 8
المبحث الثاني: الغرض من تصميم التهيئة و الآثار المترتبة عنه 10
المطلب الأول:محتوى تصميم التهيئة والغرض من إقرار العمل به 10
المطلب الثاني:آثار تطبيق تصميم التهيئة 12
الفقرة الأولى: آثار تصميم التهيئة قبل الموافقة عليه 12
الفقرة الثانية:آثار تصميم التهيئة بعد الموافقة عليه 13