امكانية اجراء تقييد احتياطي على عقار مثقل بحجز تحفظي
تخلق الطبيعة القانونية للحجز التحفظي في ذهن الممارسين الكثير من الخلط ، بين ما إذا كان مجرد إجراء تحفظي لحماية الحق ، أم مانعا من موانع التصرف بالدرجة الأولى ، بل حتى المشرع نفسه في تنظيمه لهذه المؤسسة ، يرتبك في الملاءمة بين النص العام المنظم لها قانون المسطرة المدنية وبين النصوص الخاصة المرتبطة بها وتحديدا مؤسستي التقييد الاحتياطي و البيع بالمزاد العلني .
إن إيقاع حجز تحفظي على عقار معين يعني بالنتيجة وتطبيقا للفصل 453 بطلان كل تقویت تبرعا أو بعوض ينجزه المحجوز عليه ، ويظهر أن العلة من هذا الأثر هي حماية الضمان العام الذي تم تخصيصه من طرف الحاجز لضمان استيفاء دينه ، فلا يستقيم السماح للمحجوز عليه بتفويته ما دام الحاجز ليس له الحق في تتبعه ، إذ الحجز لا يرقى الدرجة الحق العيني الذي يخول لصاحبه حق تتبع العقار في أي يد وجد . لكن وبتركيب نظري بسيط ، واعتبارا لكون العلة من غل يد المحجوز عليه ومنعه من التفويت هي ضمان بقاء العقار متوفرا للتنفيذ عليه عند الحاجة ، فإن السؤال يطرح حول جواز زيادة المدين في التحملات المفروضة على عقاره ، وذلك بمنحة ضمانا لدائن آخر ؟
وهل يجوز للغير بدوره أن يجعل من العقار المحجوز موضوعا لتقييد احتياطي ضمانا لحق لم تتوفر فيه الشروط اللازمة لتقييده نهائيا ؟
إن الخلاف الذي يطرحه السؤالان المذكوران يرجع بالأساس إلى الأثر القانوني المترتب عن إيقاع الحجز التحفظي ، حيث ينتج عنه وضع يد القضاء على العقار المحجوز ، وعبارة وضع اليد لا تنصرف للمعنى المادي بل القانوني للكلمة ، فتبقى الحيازة والإنتفاع للمدين المحجوز عليه ، وتخضع الرقبة الرقابة القضاء ما لم يؤمر بغير ذلك وما لم يعين حارس قضائي ، وهنا بالتحديد وفي ظل بقاء الإتصال المادي بالعقار للمدين ، طرح النقاش حول التصرفات المسموح له إتيانها ، حيث اعتبرت محكمة النقض في مجموعة من قراراتها أن التصرفات الممنوعة عليه ، هي كل ما يضر بحقوق دائنيه ، وبمفهوم المخالفة ، فكل تصرف يزيد من ملاءة ذمته يكون جائزا ولوفي ظل وجود الحجز . كتقييد عقود رفع اليد عن الرهون بإدارة المحافظة العقارية .. وبالعودة للسؤال الأول المطروح أعلاه ، فإنه لم يكن موضوع خلاف فقهي كبير ، على أساس أن حق المدين المحجوز عليه تحفظيا في جعل عقاره موضوع ضمان عيني الدائن آخر ، بتنصيب نفسه كفيلا عينيا لغيره ، أو رهن عقاره رسميا أو حيازيا ، تعتبر من التصرفات الضارة بحقوق دائنيه ، وهي بذلك ممنوعة عليه
اقرأ أيضا