يعتبر تقسيم الأشياء المادية إلى عقارات ومنقولات من أهم التقسيمات ، نظرا لما يترتب عنه من نتائج في غاية الأهمية ، ولهذا التقسيم ارتباط مباشر بالحقوق العينية ، وبالتحفيظ العقاري الذي يكون موضوعه العقارات دون المنقولات .
وعليه سنتطرق بداية إلى تعريف العقار في المطلب الأول ، على أن نخصص المطلب الثاني للتعريف بالمنقول وأنواعه .
المطلب الأول : تعريف العقار وأنواعه
الفقرة الأولى : تعريف العقار بالطبيعة وأنواعه
أولا : تعريف العقار
يعتبر عقار بطبيعته ، كل شيء مستقر بحيز ه ثابت فيه ، لا يمكن نقله من دون تلف أو تغيير في هيئته
ب- أنواع العقار بالطبيعة :
العقار بالطبيعة ثلاثة أنواع على النحو التالي :
1- الأرض : يقصد بالأرض سطحها وباطنها بعناصره المختلقة من صخور ومعادن وترية وغيرها ، وهي عقار بطبيعته سواء كانت خلاء أو مغروسة .
وتشمل ملكية الأرض ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك .
2- المباني والمنشآت : تعتبر المباني والمنشآت عقارات بطبيعتها لاندماجها في الأرض ، فهذه الأخيرة تعد مصدر صفتها العقارية . والاندماج كشرط ضروري لإضفاء صفة العقار على المباني لا يقتضي بالضرورة أن تكون المنشأة مشيدة على سبيل الدوام ، بل قد يكون هذا التشييد بصورة مؤقتة ، ومع ذلك تعتبر المنشأة عقارا ما دامت اندمجت في الأرض على سبيل القرار ، أي متى كان لها أساس ثابت في الأرض .
كما لا يشترط تشييد المباني والمنشآت فوق سطح الأرض ، بل قد يكون ذلك في باطن الأرض كأنابيب المياه و الغاز وغيرها وتتخذ مع ذلك صفة العقار .
أيضا تعد أجزاء البناء المكمل له عقارا بطبيعتها ، شرط الاندماج فيه اندماجا ثابتا ، بحيث يصبح زوالها غير قابل للتحقق إلا بالفك أو الهدم أما فيما يتعلق بمشيد المنشآت والمباني فلا يشترط فيه أن يكون مالكا للأرض التي وقع عليها التشييد ، بحيث قد يكون مجرد صاحب حق انتفاع أو مستأجر أو دائن مرتهن أو حائز حسن النية أو سيئها أو مغتصب أو غير ذلك .
3- المغروسات : يقصد بالمغروسات كل ما تنبته الأرض من ثمار ومحصول وزرع ، وكذلك كل ما يغرس فيها من أشجار ونخيل ، وحتى ينطبق على هذه المغروسات صفة العقار بطبيعته يجب أن تكون جذورها ممتدة في باطن الأرض . وإذا كانت النباتات التي توضع في الأوعية و القصارى مجرد منقولات بطبيعتها ،
فإن على خلاف ذلك تعد أشجار المشائل عقارات بطبيعتها ، لأن جذورها ممتدة في الأرض .
الفقرة الثانية : تعريف العقار بالتخصيص وشروطه
أولا : تعريف العقار بالتخصيص
عرفت المادة 7 من مدونة الحقوق العينية العقار بالتخصيص بأنه : " المنقول الذي يضعه مالكه في عقار يملكه رصدا لخدمة هذا العقار واستغلاله أو يلحقه به بصفة دائمة " . وبناء على ما ورد في المادة أعلاه ، فالعقار بالتخصيص ليست له مواصفات العقار بل هو مجرد منقول إلا أنه أضفي عليه صفة العقار لتحقق شروط معينة فيه وفي صاحبه .
ثانيا : شروط العقار بالتخصيص
المنقول لا يعتبر عقارا بالتخصيص إلا بتحقق شرطين أساسيين على النحو التالي :
1- الشرط الأول : اتحاد المالك
يقصد بهذا الشرط ، أن يكون شخص واحد هو المالك لكل من العقار الأصلي و المنقول الملحق به .
وبناء على ذلك لا يعتبر عقارا بالتخصيص المنقول الذي يضعه كل من المستأجر ، والدائن المرتهن رهن حيازة ، أو صاحب حق انتفاع ، رصدا لخدمة العقار المؤجر أو المرهون أو المملوك رقبة لشخص آخر، ونفس الحكم ينطبق على المنقول الذي يضعه مالك العقار في عقاره ، عندما لا يكون مملوكا له ، كأن يكون مرهونا عنده أو معارا له أو مسلما إياه على سبيل الإيجار.
2- الشرط الثاني : التخصيص
نعني بالتخصيص ، أن يكون المنقول مخصصا لخدمة العقار واستغلاله ويقتضي هذا الشرط تحقق الأمور التالية :
- أن يرصد المنقول لخدمة العقار وحده لا لخدمة صاحب العقار ، لأن العقار الذي خصص المنقول لخدمته هو الذي يضفي عليه صفة العقار ، فالفرس الذي يخصص لخدمة أرض فلاحية يعتبر عقارا بالتخصيص ، أما لو خصص لخدمة صاحب العقار ، فإنه يبقى محتفظا بطبيعته المنقولة
- التخصيص لا يشترط أن تقتضيه ضرورة ملحة للعقار ، بل يكفي أن يكون التخصيص لخدمته أو استغلاله ، ولو لم تكن هناك ضرورة تدعو إليه .
- الأصل في التخصيص أن يكون بصورة مؤقتة ، بحيث أن ما يضعه المالك بأرضه من منقولات لمصلحة هذه الأخيرة والاستغلالها يكون في الغالب بصورة مؤقتة .
لكن مع ذلك قد يتخذ تخصيص المنقولات الخدمة العقار طابعا دائما، خاصة عندما يكون للتخصيص علاقه مادية بالعقار الأصلي ، كالمنقول الذي يتم إلصاقه بالعقار بواسطة أو الإسمنت ، الجبص ومن أمثلة المنقولات التي تعتبر عقارات بالتخصيص في المجال الصناعي جميع المعدات والأجهزة التي توضع في المصنع لتشغيله ، ومن الأمثلة على ذلك في المجال الفلاحي ، البذور المعطاة للمزارعين ، الحيوانات المخصصة للزراعة آلات الحرث وغيرها
المطلب الثاني : تعريف المنقول وأنواعه
الفقرة الأولى : تعريف المنقول
إذا كان المشرع المغربي قد أعطى تعريفا للعقار ، إلا أنه أغفل ذلك بالنسبة للمنقول ، وقد تصدى الفقه لهذه المسألة حيث عرف المنقول بأنه " الشيء الذي يمكن نقله من مكان لآخر شريطة أن لا يكون مرصدا لاستغلال عقارا بطبيعته أو مرتبطا به بصفة دائمة " ، ومن هذا التعريف يتضح أن المنقولات من حيث طبيعتها هي أشياء غير ثابتة في حيزها ، بحيث يمكن نقلها من مكان إلى آخر دون تلف ، أما لو كانت عملية النقل تقتضي هدما أو قلعا أو إتلاف للشيء ، فإنه حينئذ لا ينطبق عليه وصف منقول .
الفقرة الثانية : تقسيم المنقول
تقسم الأشياء المنقولة إلى منقولات بطبيعتها ومنقولات بحسب المال .
أ- المنقول بطبيعته
يعتبر كل ما ليس عقارا بطبيعته أو بالتخصيص ، منقولا بطبيعته وتتميز المنقولات بإمكانية نقلها من مكان لآخر بدون تلف ، وهي إما أشياء حية كالحيوانات مثلا ، أو أشياء غير حية كالمأكولات و الأثاث .
و بعض المنقولات نظرا لقيمتها المالية العالية في التداول تفوق أحيانا كثيرا من العقارات ، فإنها تخضع لأحكام خاصة حيث التفويت أو الرهن أو من حيث القيد والتسجيل کالسفن والطائرات مثلا .
ب- المنقول بحسب المال
1- المقصود بالمنقول حسب المال
المنقول بحسب المال من صنع الفقه لا التشريع ، وهو عقار في أصله نظرا لحمله مواصفات العقار لكن ينظر إليه بحسب المصير الذي سيؤول إليه ، ونية المتعاقدين أطراف العلاقة القانونية
2- شروط المنقول حسب المال
الشرط الأول : أن يكون التعامل جرى لا على أساس حقيقة العقار في الحال ، بل على أساس ما سيصبح عليه في المال ، وقد أعطي الفقه أمثلة للمنقولات بحسب المال ، ومنها على الخصوص ، بيع خشب الأشجار ، والمحصول و الثمار ، وأنقاض البناء ، وحق استغلال الأحجار في المحاجر والمعادن في المناجم
فبالنسبة لبيع الأنقاض مثلا ، قد يعمد صاحب البناء في ظروف معينة إلى بيع البناء منفصلا عن الأرض ومنزوعا عنها ، لا باعتباره بناءا قائما ، بل على أساس أنه أنقاض مهدومة ، ليصبح بذلك منقولا بحسب المال ، ويكون بيعه بيع منقول لا بيع عقار مجرد
الشرط الثاني : أن يكون مصير العقار المحقق تحوله إلى منقول : نعني بهذا الشرط أن إرادة الأطراف وحدها غير كافية لإضفاء صفة المنقول على العقار ، بل لابد أن يكون العقار معدا بالفعل للانفصال عن الأرض في مستقبل قریب ، وأن الانفصال هو مصيره المحتوم ، والذي يمكن أن يستخلص إما من الإعداد الفعلي من جانب المالك للعقار الذي سيصبح منقولا ، وإما من طبيعة الأشياء ذاتها كالثمار مثلا ، التي بطبيعتها ليست معدة للبقاء في الأرض ، بل ستنفصل عنها وتصبح منقولا عند نضجها.
للإطلاع على المحاضرة الثالثة